دائما
ما تكون القراءة الثانية في الفلسفة هي القراءة الأفضل ذلك ان القارئ يصعب عليه ان
يدرك الترابط القائم في متن النص الفلسفي
ما لم يتحرك بتان و تبصر في مفاصل النص حتى النهاية ، فعندما نعبر طريقا لأول مره لابد ان نسير فيه الى
الأخير لنخبره جيدا و نفهم لما ينعرج أحيانا و لما يضيق و يتسع أحيانا أخرى .
فأن
نقرأ في الفلسفة معناه أن نتأمل
و ان نقيم مسارا تفكيريا حول الأشياء و الأفكار التي يتحدث عنها الفيلسوف
في نصه ، و من خلال التفكير مع الفيلسوف في جوهر ما يكتبه يمكن أن نصل نحن أيضا في
مرحلة أخرى الى بناء صرح تفكيرنا الشخصي و
الخاص حول نفس الموضوع .
و من
ثم فالدرس الفلسفي ليس من مهمته ان يقول
للتلميذ و لو للوهلة الأولى من لقائه مع الفلسفة المدرسة ما ينبغي ان يفكر به بل
يقترح عليه بتواضع الفلاسفة معالم و إشارات و علامات تشير الى الطريق و تستحث
التفكير و تحفز العقل فيصل التلميذ الى التفكير عبر مجهوده الذاتي و طاقته الشخصية
فيبحر فيما أبحر فيه من سبقه
و
تأسيسا على ما سبق لا يجوز أن نجعل التلميذ يتمثل المصحح كما لو كان سلطة ينبغي ان
نقول لها ما تريد سماعه و لكن ينبغي ان
يكون الجهد التفكيري الذي يبذله المتعلم ، و العمل الجاد و العميق الذي يتعلمه و يجسده هو المعول عليه
في بناء الدرس الفلسفي و التفكير مع العقول الفلسفية الجبارة التي أنجزت صروح
الفلسفة على مدى التاريخ .