إن مما يبرز أهمية و قيمة
الفلسفة هو تبنيها لقيمة " التسامح"،و هي قيمة جوهرية في بناء التعايش المشترك
بين الناس ،في إطار من الايمان بالاختلاف و دفاع عنه مادام يتوسل السبل الشرعية و
السلمية للتعبير عن نفسه ،و مادام يعتمد الإقناع و الحجج بعيدا عن العنف و الاقصاء و ادعاء امتلاك الحقيقة بكل اشكاله
و من خلال كتابه القيم
:" قضايا في الفكر العربي المعاصر"يطرح الفيلسوف و المفكر محمد عابد الجابري قضايا التطرف و
التسامح في علاقتها بالفلسفة و الفكر الرشدي التنويري عبر العديد من المستويات
-
تعريف التسامح :
"موقف فكري و عملي
قوامه تقبل المواقف الفكرية و العملية التي تصدر من الغير ،سواء كانت موافقة أو
مخالفة لمواقفنا "
إذا أخذنا التعريفين معا
نستنتج أن الفلسفة هي أكثر الحقول و المجالات استعدادا لقبول التسامح و العمل به ،ف" البحث عن
الحقيقة" لا يعني امتلاكها ،و من لا يدعي امتلاك الحقيقة فهو بالضرورة يعترف
بالتعدد و الاختلاف ،و يتجنب إصدار
أحكام تقصي الآخر
-
خطر الوثوقية أو
الدوغمائية
إن الوثوقية أو الدغمائية
تتنكر للإجتهاد و تلغي الاختلاف و ترفع شعار " الإجماع " و تشهر سلاح " الخروج عن الإجماع "ضد
كل مخالف ،و تنحو نحو الاستبداد و الهيمنة ،فيحل التلقين و التلقي محل البحث و التقصي
.فالتلقين و ايثار التكرار و الحفظ ارتبط
غالبا بالجمود و تكلس الفكر
رغم تحول الفلسفة في مراحل
زمنية محددة إلى ايديولوجيا و قوالب وثوقية أحيانا إلا أنها احتفظت دوما بقوة
الدافع التي تمكنها من استعادة ما هو جوهري فيها و أصيل و رجعت على مبدئها الأصيل
و هو البحث عن الحقيقة