تقديم
إن حضور اسم الدولة هو حضور شبه دائم في كل المناقشات و المجالس و المنتديات ...،و هذه الكلمة تكبر مع الإنسان كما يكبر عوده و تكبر أفكاره و همومه : فمنذ كان صغيرا يتساءل لماذا يقف الناس عند الضوء الأحمر ؟ و لماذا تخيفني أمي من الشرطي كما عبرت عن طفولتي و شغبي ؟ و لماذا يدفع أبي الضرائب لها ؟ .... حتى إذا كبر :تتناسل الأسئلة و تتشعب لماذا أفعل كذا مضطرا و لا أفعل كذا ؟
إن الدولة هي الأم التي نهرع إليها عندما يعضنا الجوع و الألم ...و هي الأب الذي يعاقبنا عندما نخرج عن سلطته و رغباته ...وهي تولد في نفوس الواقعين تحت ظلها أحاسيس متضاربة : من الرغبة في الإرضاء و الطاعة إلى التمرد و العصيان ، ومن الحب و العلق إلى السخط و عدم الرضا ، ومن الدفاع عنها و محاولة تبرير أفعالها إلى تحميلها كل الأزمات و الانهزمات و المشاكل ،و أحيانا كثيرة نحمها حتى اخفاتنا الشخصية و نجدها مشجبا نعلق عليه هزائمنا الفردية و الجماعية حتى و لو لم يكن لها يد فيها
إن التساؤل إذن عن الدولة هو تساءل عن أشكال تنظيم حياتنا الاجتماعية و السياسية ،و عن غاياتها ووسائلها ووظائفها
ومن هنا تنبع العديد من الأسئلة من بينها :
هل الدولة بدءا ضرورية لوجودنا الاجتماعي ؟ألا يمكن الاستغناء عنها ؟ ثم ما الذي يمنحها هذه السلطة التي تجعلها تتحكم في رقابنا ؟ و من أين تستمد هذه مشروعيتها ؟
هل سلطة الدولة السياسية تنحصر في أجهزتها ؟أم أن سلطتها هي قدرة مشتتة في كل المجتمع ؟و هل هذه السلطة متعالية عن المجال الذي تمارس فيه أم أنها محايثة له
وهل تمارس الدولة سلطتها بالقوة أم بالقانون؟ بالعنف أم بالحق ؟