الجمعة، 28 يناير 2011

خلاصة المحور : لماذا ينبغي تجاوز الرأي ؟ درس الحقيقة المحور الأول



و لقد سبق باشلار في التنديد بالرأي و الحس المشترك:
الفيلسوف "أفلاطون" في "الجمهورية" عندما دعا إلى الخروج من "الكهف" أي عالم المحسوسات و المعرفة المزيفة .
و أيضا "سقراط" في حوراته و الذي كان يحاول تصحيح آراء الناس بإبراز تناقضاتها و مشاكلها.
لقد رسخ "أفلاطون" معنى الرأي doxa باعتباره نوعا من المعرفة الناقصة و الدونية ،رغم إقراره بوجود رأي صائب و صحيح أحيانا لكنه غير مبرر علميا ،ومن تم يتعارض مع المعرفة العقلية و الفكر النقدي و الفلسفي.

إذن فلماذا ينبغي تجاوز الرأي و الكلام العامي  ؟
إن مشكلة الرأي الحقيقية أنه واثق من يقينياته ،و غير راغب في مساءلتها ،و يعتقد دوما إنه يعرف و هذا يمنعه من البحث عن المعرفة .إن أول باب لدخول العلم و الفلسفة هو "أن نعرف أننا لا نعرف شيئا".
إن ما يميز الرأي هو ما يلي :
1-    الرأي يتأسس على ما تدركه الحواس : فنسمع مثلا عبارة من قبيل :" أنا لا أومن إلا بما أراه بأم عيني " لكن : هل المشاهدة كافية للتدليل على الحكم ؟ أو ليس حواسنا تخدعنا مرارا كما في الخدع البصرية ،فقد أرى عصا مغمورة في الماء حد المنتصف فأعتقد انطلاقا مما آراه  أن العصا مكسورة فيذلك الحد رغم أنها ليست كذلك،و نفس الشيء أرى الشمس تدور حول  الأرض الساكنة ،لكن العلم كذب هذا و بين العكس :أي أن الحقيقة أن الأرض هي التي تدور حول الشمس و حول نفسها .
2-    الرأي يتأسس على الأمثلة الجزئية ،و لكن أليس المثال سوى حالة ضمن حالات ،وتعميم يوقع في الخطأ ؟ ومن ثم فليس لأن قضية صحيحة في مجال محدود و ظروف مخصوصة يبرر لنا هذا تعميمها على كل القضايا و الحالات.
3-    الرأي يتأثر بالسلطة سواء أكانت علمية أو دينية أو فلسفية...لكن هل أكابر العلماء منزهين عن الخطأ ؟
إن ترديدنا لما حفطناه و قرأناه دون فهم أو نقد لا معنى له سواء إيقاعنا في التحيزات و القراءات الإيديولوجية لا الموضوعية
ومن ثم فكل المسالك الحجاجية التي يلجأ إليها الرأي لا تخلو من نقص و ضعف ،و لأنه يستعمل طرائق حجاجية فيها نظر و يتوسل بأساليب بلاغية غايتها التأثير و مخاطبة الأذواق دون الأفهام ،و كثيرا ما يقع الرأي في معارضة رأي آخر ،فيقع الخلط و سوء الفهم .