دراسة أطروحة ماركس (الجزء الثاني)
استنتاج
يضع ماركس وجهة نظر مادية تعتبر الوجود الجماعي و التاريخي لا يقوم على عمل الروح بل على أساس الظروف المادية للحياة التي يحددها
تاريخ المجتمعات منذ القدم و بالضبط منذ المجتمع العبودي هو تاريخ صراع الطبقات فيه يقول كارل ماركس
إن تاريخ كل مجتمع إلى يومنا هذا (ثم يضيف انجلس فيما بعد: ما عدى المشاعية البدائية) لم يكن سوى تاريخ صراع بين الطبقات. فالحر والعبد، والنبيل والعامي، والسيد الاقطاعي والقن، والمعلم والصانع، أي باختصار، المضطهدون والمضطهدين، كانوا في تعارض دائم وكانت بينهم حرب مستمرة، تارة ظاهرة، وتارة مستترة، حرب كانت تنتهي دائما إما بانقلاب ثوري يشمل المجتمع بأسره وإما بانهيار الطبقتين معا (...) أما المجتمع البرجوازي الحديث الذي خرج من أحشاء المجتمع الاقطاعي الهالك فإنه لم يقض على التناقضات بين الطبقات بل أقام طبقات جديدة محل القديمة وأوجد ظروفا جديدة للاضطهاد وأشكالا جديدة للنضال بدلا من القديمة. إلا أن ما يميز عصرنا الحاضر، عصر البرجوازية، هو أنه جعل التناحر الطبقي أكثر بساطة. فإن المجتمع أخذ بالانقسام، أكثر فأكثر، إلى معسكرين فسيحين متعارضين، إلى طبقتين كبيرتين العداء بينهما مباشر: هما البرجوازية والبروليتاريا «.
إذن فقد مرت المجتمعات البشرية بحسب ماركس بخمس مراحل و هي :
· المجتمع المشاعي البدائي الأول: الذي كان فيه الإنسان يعيش على الاصطياد وثمار الطبيعة الجاهزة، و يتميز بعدم وجود الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج
· المجتمع العبودي: الذي شهد ظهور الدولة بوصفها أداة استغلال وهيمنة للطبقة المسيطـِـرة، و فيه بدأت هيمنة الانسان على الانسان
· المجتمع الإقطاعي: حيث تصل الدولة إلى نقطة متقدمة في الهيمنة، معتمدة على الماورائيات والروحانيات، و ظهرت فيه ملامح الملكية الخاصة للأرض
· المجتمع الرأسمالي: وقد جاء نتيجة انهيار الإقطاع و نشوء البرجوازية و يوصف بظهور ملكية وسائل الإنتاج الصناعية
أخيرا يأتي المجتمع الشيوعي و الذي يعد حسب ماركس نهاية التاريخ ،و نقطة غياب المجتمع اللاطبقي
إنه مسار تقدمي ،كل مرحلة فيه تعد تجاوزا نهائيا لما يسبقها نحو نهاية حتمية هي المجتمع الشيوعي جنة الله في الأرض حسب ماركس .
تركيب بين أطروحة هيجل و أطروحة ماركس
لقد كانت نهاية التاريخ ذي المسار التقدمي الحتمي عند كل من هيجل و ماركس عبارة عن وعود بجنة أرضية كانت عند هيجل هي الدولة البروسية التي رأى فيها هيجل نهاية التاريخ و تحقق المطلق ،و رأى فيها ماركس مجتمعا شيوعيا و لا طبقيا .
لكن فلسفات التاريخ عند هذين العلمين شهدت صعوبات و انتكاسات نذكر منها مثلا
اعتقد هيجل أن الروح تتحرك قدما ،و لا يمكن مقاومتها ،و لكن على سيبل المثال شهد تاريخ القرن العشرين تشكلات تاريخية غير خاضعة لهذا المنطق مثل الفاشية .
أما بالنسبة لماركس فحدث تناقض بين نظريته و تطبيقاتها :فنجاح الماركسية ذاتها حدث أحيانا عكسيا :حيث حددت البنية الفوقية (الأفكار الماركسية )البنية التحتية (الكفاح الثوري ) و مثال ذلك ثورة أكتوبر