تعليق و استنتاج
وفقا لطوماس هوبز الإنسان مسكون بحب السلطة ،ففي حالة الطبيعة :كل شخص يسعى للهيمنة على أخيه : إنها "حرب الكل ضد الكل " التي هددت و تهدد استمرار الجنس البشري ،إن مثل هذه الحياة يخيم عليها القلق و الخوف و تصبح الحياة كريهة و موحشة و لا تستقيم معها حياة الجماعة السياسية ،و لهذا لا تنتج حضارة و لا علما و لا فنا و لا ثقافة ، لذا ينبغي إقامة عقد بموجبه يتنازل كل الأفراد عن السعي إلى استخدام القوة لفائدة سلطة تحتكر لوحدها مشروعية حيازة و سائل العنف و القوة ،و هي الدولة ،و تتكفل بحماية الأمن العام و السلم الاجتماعي .
و قد حاول هوبز الدفاع عن "نظرية حياة الفوضى في غياب الدولة "مستحضرا مثلا للتدليل على تمسك الناس بالنظام و الدولة إذا مروا بتجربة الفوضى :"فقد جرت العادة عندما يموت الملك في بلاد فارس في العصور القديمة أن يترك الناس خمسة ايام بغير ملك و بغير قانون بحيث تعم الفوضى و الاضطراب جميع أنحاء البلاد و كان الهدف من وراء ذلك هو أنه بنهاية الأيام الخمسة نو بعد أن يصل السلب و النهب و الاغتصاب على أقصى مدى ،فإن من تبقى منهم على قيد الحياة سوف يكون لديهم و لاء حقيقي و صادق للملك الجديد ،إذ تكون التجربة قد علمتهم مدى رعب الحياة التي يكون عليها المجتمع إذا غابت المجتمع إذا غابت السلطة السياسية ".
موقف جون جاك روسو من أطروحة طوماس هوبز
يدحض جون جاك روسو على هذا الموقف موردا اعتراضين أساسيين :
يفترض هوبز حالة للطبيعة فيها الإنسان ذئب لأخيه الإنسان ،و الحقيقة أنه ليس هناك إنسان بهذا المعنى أي إنسان طبيعي مئة في المئة
يطرح السؤال التالي على هوبز :هل من المشروع وضع حرية الإنسان في الميزان من أجل ضمان أمنه
و عند التعمق في موقف توماس هوبز نكتشف أن استخدمه فكرة العقد جاء ليبرر الحكم الملكي المطلق لعائلة ستورت في بريطانيا( كان هوبز وزيرا في بلاط عائلة استورت ) زاعما أن الملك لم يكن طرفا في العقد هذا لأن الأفراد اتفقوا فيما بينهم بالتنازل عن حقوقهم له –أي للملك –مقابل رعايته و حمايته لهم و لمصالحهم دون أن يذكر هوبز مصادر هذه الحماية . و على هذا الأساس يقر هوبز شرعية الحكم المطلق للملوك (ص19 كتاب الدولة و القانون اعداد الأكاديمية العربية المفتوحة 2006)
أما الدكتور زكي نجيب محمود ففي تعليقه على نظرية توماس هوبز حول الدولة فيقول :" إنها نتيجة مباشرة لنظريته المادية :إذ يصور لنفسه الدولة آلة عظيمة هي كل شيء ،و لا يكون للأفراد حرية الرأي و لا إملاء للضمير ،و يسمي هوبز الدولة بالتنين الجبار le grand Léviathan لأنها تبتلع في جوفها كل الأفراد الذين تنمحي شخصياتهم و إرادتهم أمام شخصيتها و إرادتها .