اخر الاخبار

الجمعة، 11 فبراير 2011

درس الحقيقة: خلاصة عامة


إن سؤال الحقيقة من أخطر الأسئلة و أعمقها لأنه سؤال صراعي فالكل يدعي الحقيقة و الكل يصارع من أجل فرض حقيقته لذلك يمكن أن نقول كما قال ذلك الفيلسوف الإفريقي " بين حقيقتك و حقيقتي هناك الحقيقة
 "  enter ta vérité et ma vérité il y a la vérité   "
لذلك فموضوع الحقيقة يطرح العديد من الأسئلة منها :هل الحقيقة مطلقة أم نسبية ؟ هل هي الحقيقة المتعالية أم الحقيقة التي نحن نشارك في صنعها و خلقها نحن البشر ؟هل هي غاية أم وسيلة ؟ و هل لها معايير موضوعية ؟وإذا كانت موجودة فعلا فما الذي يهددها هل الرأي أم السلطة أم الرغبة ؟
فلسفيا اختلف تعريف الحقيقة :فأرسطو قد عرٌف الحقيقة بأنها : تطابق الأحكام الذهنية مع الواقع العيني الخارجي ،أما  ديكارت فتصور الحقيقة بوصفها بداهة التمثل الذهني ، في حين أن  هيجل أكد أن ما هو عقلي فهو واقعي .
لكن بدء من نيتشه على وجه الخصوص : حدث نقد للتعريف الكلاسيكي للحقيقة باعتبارها تطابق المنطوق مع المفهوم  يقول علي حرب : في كتابه نقد الحقيقة : " لم تعد تفهم الحقيقة في الخطاب الفلسفي المعاصر من خلال مفهومات الجوهر و التطابق و البداهة و الوثوق و الإثبات  و الثبات ، بل تفهم بالدرجة الأولى من خلال مفهومات مغايرة مثل الإنتاج و التوليد و الإجراء و المفاضلة و التفسير و السلطة و الممارسة و حتى اللعب ".
إذا كان ذلك أمر الحقيقة فلسفيا ،فإن الحقيقة العلمية على الأقل تميزت بمواكبتها للتطورات التي شهدتها الحقول المعرفية الأساسية خاصة العلوم الحقيقة ،فكان لها معايير محددة  يمكن إجمالها  فيما يلي:
-         معيار البداهة :و هو معيار ديكارت ،حيث العقل يعرف مباشرة حقيقة الأفكار الواضحة و المتميزة
-         معيار الترابط المنطقي :و هو المأخوذ من الرياضيات و المنطق ،و هو معيار يعتبر أن حقيقة قضية ما يكمن في صدق و صحة  الاستدلال الذي يؤدي إليها
-         معيار الفعالية و العملية:و هذا المعيار يرى أن معيار صحة فكرة ما هو مدى ما تقدمه من إفادة ، فالحقيقي هو المفيد و العملي و الناجح
-         معيار أو الإجماع أو الأغلبية هناك :و هذا معيار مهم في الديموقرطية

و إذا انتقلنا إلى قيمة الحقيقة :  نجد أن كانط حاول  إتباع النموذج العلمي  في دراسة الأخلاق ومنها قول الحقيقة أو الصدق .معتبرا ذلك واجبا أخلاقيا تتجلى فيه حرية الإنسان كأسمى قيمة ،لكن نيتشه وجه نقدا قويا للحقيقة و  لاستعمالاتها ،حيث لم تعد الحقيقة عنده ثمرة لعم صارم يتصف بالوضوح و الضرورة و اليقين ،بل سلسلة من التأويلات و شبكة من الاستعارات ،تستخدم  قوى و استراتيجيات