الاثنين، 24 يناير 2011

مفهوم الحقيقة الجزء الأول



تقديم
الحقيقة مطلب كوني  ، فالكل يدعي الرغبة في الوصول إليها ،و الفلسفة بنفسها يقال عنها أنها بحث عن الحقيقية.
و قد ارتبطت الحقيقة بالخطاب الإنساني منذ القديم كما أشار إلى ذلك اسبينوزا     فكل قول و كل كلام يصدر عن شخص ما ،يدعي صاحبه أنه يعبر فيه عن الحقيقة .و هذا ما يدفعنا إلى ضرورة مساءلة ما نثبته و نؤكده على أنه حقيقة.
و لعل أبرز من وضع الأساس للشك حول الاحترام الشامل التي تحظى به الحقيقة عند الكل باعتبارها قيمة في ذاتها هو " نيتشه" حيث ربطها برغبة الإنسان في الحصول على الأمن و الحفاط على حياته و ضمان استمراره.
لكن يبقى السؤال الأول : ماهي الحقيقة ،و هنا نستحضر قولة سقراط :"كيف تعرف بأنها حقائق إذا كنت لا تعرف ماهي الحقيقة ".
تعريف الحقيقة
في المعجم الفلسفي :" الحقيقة في اللغة ما أقر في الاستعمال على أصل وضعه ،و المجاز  ما كان بضد ذلك ،و حقيقة الشيء خالصه و كنهه و محضه و حقيقة الأمر يقين شأنه ،و حقيقة الرجل ما يلزمه حفظه و الدفاع عنه".
و فلسفيا الحقيقة : هي مطابقة التصور و الحكم للواقع". و تطلق الحقيقة على الشيء قطعا و يقينا . و الحقيقة أيضا هي مطابقة الشيء لصورة نوعه أو لمثاله الذي أريد له ،فالحقيقة بهذا المعنى هي ما يصير إليه الشيء :"نقول لا يبلغ المؤمن حقيقة الإيمان حتى لا يعيب إنسانا بعيب هو فيه".
و أخيرا الحقيقة هي الماهية أو الذات ،فحقيقة الشيء ما به الشيء هو هو كالكائن الناطق للإنسان بخلاف الضاحك و الكاتب مما يمكن تصور الإنسان دونه
تعريفات فلسفية خاصة
يقول ابن اسينا "إن لكل شيء ماهية هو بها ما هو " و هي حقيقته بل هي ذاته
يعرف لالاند الحقيقة بأنها هي "خاصية ما هو حق ce qui est vrai  و هي القضية الصادقة ، و ما تمت البرهنة عليه ،و شهادة الشاهد الذي يحكي ما فعله و ما رآه و الحقيقة بمعنى أعم هي الواقع" .
و في تعليق لالاند النقدي على هذه الدلالات يشير إلى أن الدلالة الخامسة (الحقيقة بمعنى الواقع) أصبحت متجاوزة ،و أن مفهوم الحقيقة منذ الفلسفة الحديثة صار أكثر فأكثر مختصا بالمعرفة،و أصبحت الحقيقة تنحصر في مجال الفكر و اللغة
و بصفة عامة يمكن تعريف الحقيقة :[أنها المطابقة بين ما أقول وبين ما هو موجود بالفعل :ما أقول :يتعلق بحكمي أنا .وما هو موجود بالفعل يتعلق بالواقع :أي  ما هو معطى بشكل مستقل عن ذاتي .
وانطلاقا من كل ما سبق يمكن أن نطرح الأسئلة التالية:
-         هل يمكن التحرر من الآراء الشائعة و شهادة الحواس لبناء الحقيقة ؟ ة إلى أي حد يمكن بناء حقائق أكثر علمية و موضوعية ؟
-         ما هي معايير الحكم  على الحقيقة ؟ وهل هي معايير منطقية أم مادية واقعية
-         كيف نحدد قيمة الحقيقة ؟ وهل الحقيقة غاية في حد ذاتها  أم وسيلة لتحقيق ما يخدم الحياة الإنسانية؟ و ما الذي يهدد الحقيقة و يعيق البحث عنها
-           
التعليقات

هناك تعليق واحد: