اخر الاخبار

الاثنين، 20 فبراير 2012

تحليل نص ديكارت :السيطرة على الطبيعة (الجزء الثاني ) المحور الثالث :درس التقنية


قيمة النص و حدوده

يمثل النص نموذجا للثورة الحديثة التي شهدتها الأفكار و الممارسات ضد الفلسفة التأملية ، ولقد عمل ديكارت بصياغته للمنهج على فتح الطريق "للعلوم الطبيعية في صيغتها الميكانيكية الهندسية "(نجيب بلدي ديكارت  ص 136)
و كانت  دعوة أيضا إلى النهوض بالمعرفة الموجهة إلى العمل ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه  كيف انتهت هذه الدعوة : إلى الرغبة في التحكم في الطبيعة .
لا يمكن فهم هذا الهدف من دون الرجوع إلى العلم الحديث الذي يمثل ديكارت جزءا منه ،حيث ساد الاعتقاد أن العالم يشبه إلى حد بعيد :الآلة الضخمة بالنظر إلى حركة الأجرام السماوية و نمو النباتات....، و من هنا اعتقد ديكارت أن العالم -  و إذا استثنينا النفس البشرية - لا يخرج عن القوانين الميكانيكية سواء كانت بسيطة أو معقدة، و من ثم يمكن معرفتها و التحكم فيها .
و لقد اعتبر الأجسام و الظواهر الطبيعية برمتها امتدادا و أجزاء امتداد . و الامتداد خاضع لمبدأ القصور الذاتي و الجمود، حيث يمكن  العالم و الصانع حسب ديكارت تحويل هذا الامتداد إلى ظواهر واقية فعلية.
وهذه النظرة و إن كانت ساهمت في تطور العلم في تلك الحقبة ،إلا أنها نظرت إلى الطبيعة بمنطق الآلة التي يمكن التحكم فيها ،و لم يتم التفكير في الآليات التي يمكن أن توجه هذا التحكم .
و بالرجوع إلى النص نجد ديكارت يقول :أن من أهداف الفلسفة الطبيعية و العلم الطبيعي :حفظ الصحة: و هنا إشارة إلى الطب الذي يعتبر ديكارت أن من بين أهدافه العملية :إطالة عمر الإنسان و حفظ جسمه من الأمراض .
لقد كانت نظرة متفائلة جدا لم يجد ديكارت نفسه بدا من الاعتراف في سنوات حياته الأخيرة عن عجزه عن تفسير العديد من الظواهر الخاصة بالجسم الإنساني بواسطة قوانين الميكانيكا و الفيزياء ،و من بينها بعض الظواهر الطبية التي تحدث للإنسان .
وهذا يدفعنا لوضع علامة استفهام حول الفرض الآلي في ميدان الإنسان الذي ذهب إليه ديكارت
و حتى ديكارت في سنوات حياته الأخيرة لم يعد يشير إلى مشاريعه حول إطالة الحياة و تجنب الجسم مختلف الأمراض ( نجيب بلدي ص 146)
لقد أدت هذه الرغبة في السيطرة على الطبيعة إلى نتائج عكسية حيث نرى الآن أن التقدم التكنولوجي أدى و يؤدي إلى نسبة عالية من البطالة و انتشار المجاعات و الصراعات المسلحة و تهديد بيئة الإنسان.


التعليقات

هناك 4 تعليقات: